كيف تذاكر وتستعد للامتحانات
أغلبنا يعتبر المذاكرة والامتحانات كابوساً لا ينتهي وفيلم رعب هو الضحية فيه ولم يفكر أحدنا يوماً ما أن يتعامل مع المذاكرة على أنها هواية وليست أشغالاً شاقة، وأن يتعامل مع الامتحانات على أنها تحدي وليست وحشاً منتظراً. إذا استطعت أن تغير طريقتك ومفهومك ونفسيتك أيضا فاعتبر ذلك أولى خطوات تفوقك وليس نجاحك فحسب.
"هل يمكنني إنهاء كل هذه المواد الليلة؟ لا أظن أن الوقت كاف لذلك!"
"كلما استعددت للمذاكرة أجد نفسي تائهاً بين الكتب ولا أستطيع التركيز!"
كل هذه العبارات وأكثر نسمعها من بعض الطلاب في المدارس والجامعات في ليلة الامتحان، ويرجع ذلك في أغلب الأحيان لسوء التنظيم والاستعداد للدراسة والامتحانات. في السطور القادمة سنستعرض كيف نستعد للمذاكرة وللامتحانات حتى تجتازها بثقة وطمأنينة ومن ثم بنتائج متميزة إن شاء الله.
النية وتحديد الهدف
والدراسة بوجه عام هي هدف مثل أي هدف، نحاول الوصول إليه فيلزمه خطة واستعداد ومتابعة دورية، وليس الموضوع مجرد وقت مستهلك ومجهودات عشوائية لا تصل لنتيجة مرضية. فعدم تحديد هدفك ونيتك من دراستك تجعلك بالتأكيد تصل إلى لا شيء! حتى لو كنت ظاهراً تسير في حياتك الدراسية بشكل طبيعي، فحياتك الدراسية ليس الهدف منها أن تعيش في هموم ومشاكل بل أن تتعلم ما سينفعك هذا العام وفي حياتك المهنية فيما بعد.
أول شيء يجب أن تبدأ به في طريقك التعليمي هو النية. فما ستنوي الوصول إليه من وراء مذاكرتك واجتهادك طوال العام سيبقى هو الدافع الأساسي، والذي يذكرك دائماً أنك تفعل شيئا سهلاً وبسيطاً لتصل لما تريده بشدة، ولكل منا غاياته المختلفة من الدراسة، فمنا من يريد تحقيق معدلات عالية ليتم قبوله في الجامعة التي طالما حلم بها، ومنا من يريد التخرج للحصول على وظيفة مرموقة في مجاله، ومنا أيضاً من يريد الترقي لدرجات علمية رفيعة مثل الدكتوراة مثلا، وهناك أيضاً من يحب أن يكون متميزاً وناجحاً في حياته بوجه عام والدراسة بالتأكيد تشكل جزءاً مهماً من حياة كل منا.
وكلما تعددت نواياك في دراستك كلما كانت قوتك أكبر، فيجب عليك قبل كل شيء أن تحدد هذه النوايا وتعقد عليها العزم من بداية العام (ويمكنك تدارك ذلك إذا بدأت متأخراً، فلا تيأس) وكلما راجعت هذه النوايا والأهداف طوال العام كلما أعدت شحن طاقتك والتي يشكو الكثير من فقدانها خلال فترة وجيزة من بدء الدراسة، فكلما قَلّتْ همتك أو رأيت من نفسك تقصيرا أو سوء تدبير راجع هذه الأهداف وجدد نيتك وابدأ في تناول دراستك بشهية مفتوحة.
تنظيم الوقت
بعدما نويت وعقدت العزم على ذلك، تبدأ في التخطيط الفعلي لتحقيق ما تريد، وذلك يبدأ بتنظيم الوقت، فأولاً يجب عليك اعتبار أن دراستك هي عمل بدوام كامل، بمعنى أن شغلك الشاغل والأساسي هو الدراسة ولا ينتهي بمجرد خروجك من الفصل الدراسي.
وذلك بالطبع لا يعني أنك لن تنام ولن تستريح، ولكن ستعطي لكل أمر قدره، وإذا كان لديك أنشطة أو أعمال أخرى بجانب الدراسة فلا تتركها بالكلية بالطبع. يمكنك التنسيق بين الاثنين بحسب ما يناسبك، وخذ من وقت راحتك لوقت الأنشطة الأخرى إن استلزم وليس وقت الدراسة.
فمثلاً إن كنت تعمل بدوام كامل فستعمل لمدة 40 ساعة أسبوعياً (علي سبيل المثال)، منها 15 ساعة تقريباً في مكان دراستك، ويتبقي حوالي 25 ساعة كاملة للمذاكرة، مما يعني أنك يجب أن تذاكر يومياً ما يقارب 3-4 ساعات، أو 4-5 إن أردت أن تأخذ يوماً كاملاً للراحة، ولكن إياك أن تفكر بجمع كل هذه الساعات في يوم واحد أو يومين فتذاكر لمدة 12-15 ساعة مثلاً على اعتبار أن تنجز كل أعمال الأسبوع في يومٍ واحد، وذلك لأنك أثناء عملية المذاكرة يجب أن تتردد المعلومات على ذهنك أكثر من مرة وعلى مدى بعيد، ولذلك لا تفلح مذاكرة اللحظة الأخيرة في نهاية العام فإن المعلومات الحديثة لا تجد الوقت الكافي للنضوج وإن نضجت فستكون مشوهة بعض الشيء، فيجب أن توزع مذاكرتك على أيام الأسبوع حتى تكون مترددة باستمرار على عقلك فيسهل تذكرها وقت الحاجة.
الاستفادة في الفصل الدراسي
والآن بعدما نظمت وقتك بشكل سليم، نأتي لما يجب أن تقوم به داخل الفصل الدراسي.
فأولاً وقبل أي شيء واظب على الحضور مبكراً في موعد المحاضرة حتى تكون حاضر الذهن من البداية، فلا تفوتك مقدمة المادة والتي قد تؤدي لعدم فهمك لبقية الدرس أو المادة نفسها بوجه عام. أحضر معك الكتاب أو المرجع الخاص بالمادة ولا تكتب كل ما يقوله المدرّس أو المحاضر (إلا إذا طلب منك ذلك تحديداً) ولكن اكتب مذكراتك الخاصة بك وما يساعدك على تذكر المقصود بكل جزئية بعد ذلك.
اكتب الملحوظات التي يتم التنبيه عليها أو الأسئلة الواردة بخصوص جزئية معينة أو فكرة جديدة تطرأ ببالك وتريد مناقشة معلمك فيها أو لعله سؤال لم يجد الوقت المناسب ولا تريد أن يشغل ذهنك بقية المحاضرة. لذلك مذكراتك هي ما ستجعلك أثناء المذاكرة وكأنك تسمع وترى الدرس مرة أخرى، ولا تدع أحداً من زملائك يكتب لك تلك المذكرات فكل منا له طريقة خاصة في الفهم وبالتالي في التعلم؛ ولذلك سيكتب ملحوظات ومذكرات مختلفة تماماً عما كتبت ولعله من سوء الحظ أن تجد خطه غير صالحة للقراءة.
وهذه المذكرات أيضاً ستجعلك حاضراً طوال الدرس فلا يتشتت ذهنك ويذهب لأفكار أخرى جانبية ليس هذا وقتها، وقد تتساءل: هل أكتب المذكرات أم أستمع للدرس؟ المذكرات بالطبع هي الأهم وذلك لأنك يمكنك أن تسأل معلمك أن يعيد هذه الجزئية أو توضيح ما لم تفهمه بوضوح، أو أن تسأل زملاءك ولكن بعد المحاضرة، أما المذكرات فلن يكتبها أحد بدلاً منك. وراعي في هذه المذكرات ألا تكون شرحا مطولا لما يقوله معلمك، فهي للتذكير فقط،
وكذلك ضع توضيحاتك التي لم يقلها المعلم بين قوسين حتى لا تختلط بالدرس، واجعل الهامش مكاناً للأسئلة التي تريد إجابتها من معلمك بعد انتهاء الدرس، ولا تستح من كتابة رموز خاصة بك أو حتى كلمات عامية ففي النهاية هذه المذكرات لك وحدك، واستخدم الاختصارات في الكتابة فلا تكتب كلمة شائعة الاستخدام كل مرة فهذا قد يعطلك كثيراً أثناء الكتابة، وحاول التدرب على سرعة الكتابة أيضاً، وأضف لمسات خفيفة من الدعابة لما تكتب، فارسم شكلاً تعبيرياً يذكرك بملحوظة معينة، أو اكتب الكلمات الهامة بشكل مختلف حتى تكون ملفتة لنظرك وسهلة التذكر.
وإذا كنت من طلاب مجال الحاسبات ومعك جهاز كمبيوتر محمول خاص بك، فلا تستخدمه في كتابة المذكرات إطلاقاً فقد تنشغل بالبحث عن كلمة معينة وتنسى بقية الدرس فضلاً عن انشغالك ببرنامج آخر تماماً وهذا ما يجعل الورقة والقلم الحل الأبسط والأقل تشتيتاً لكتابة المذكرات.
طريقة المذاكرة
بعدما انتهى يومك الدراسي الممتع والذي حققت به خطوة في طريق أهدافك (كما ذكرنا في أول نقطة) تعود للبيت لتسترجع ما درست اليوم، فتبدأ بمذكراتك فتعيد كتابتها مرة أخرى، نعم هي نفس المذكرات التي كتبتها في الفصل الدراسي فذلك سيثبت المعلومات بشكل قوي خاصة لو كنت مواظباً على ذلك فستجد الدرس سهل التذكر بكل تفاصيله. بل لعلك ستجد نفسك لم تنس شيئاً منه حتى تحتاج للمذاكرة.
فبذلك توفر على نفسك الوقت والجهد خاصة أنه لا توجد طريقة للمذاكرة موحدة تعمل مع جميع البشر، ولكن ما تكتبه أنت لنفسك وبنفس طريقة فهمك هو ما سينفع معك بالتأكيد، وهناك نصائح عامة ينبغي مراعاتها حتى تكون مذاكرتك مجدية وليست مجرد أعمال مكتبية تنساها وقتما تنتهي منها:
- لا تبق مسترخياً تماماً أثناء المذاكرة (لكن اهتم بأن تكون في وضع مريح أثناء المذاكرة حتى لا يتشتت تركيزك بسبب عدم شعورك بالطمأنينة لوضعك).
- ذاكر في التوقيت المناسب لساعتك البيولوجية (بحيث تكون في وقت امتصاص الطاقة - الوقت الذي تكون فيه إنتاجيتك عالية - وغير ذلك فسيكون تضييعاً للوقت!).
- لا تسرف في شرب المشروبات المنبهة (الشاي والقهوة)، فقد تزيد من توترك وليس من تركيزك!
- لا تكن من محبي اللحظة الأخيرة فتجعل كل شيء في آخر الوقت ثم تندم في آخر الوقت أيضاً.
- ابعد نفسك تماماً عن التلفاز، الإنترنت، ألعاب الفيديو، أو حتى هاتفك المحمول إن كان يشغلك في بعض الأوقات غير المناسبة.