كيف تكون خطيباً مؤثراً
إذا كنت ممن يشعر بالارتباك والخوف كلما استدعيت للوقوف والتحدث أمام الناس، وتحلم بأن تكون خطيباً قوياً وملهماً، إذن ففن الخطابة هو طريقك الأمثل لعرض أفكارك بسلاسة والتأثير على من حولك. تشير معظم الدراسات إلى أن الخوف رقم واحد الذي يسيطر على الناس هو الخوف من التحدث أمام الجمهور، بينما يأتي الخوف من الموت في المرتبة الثانية!
نأخذك الآن في رحلة قصيرة تتعرف من خلالها على كيفية إعداد وإلقاء خطاب ناجح بطريقة مبسّطة. فالإلقاء مهارة يمكن تعلّمها وإتقانها.
أولاً: إعداد الخطبة
الإعداد الجيد هو السر الذى يكمن وراء كل خطاب ناجح، لذا خذ الوقت الكافي للإعداد لخطابك مع ضرورة التدرب على إلقائه أمام المرآة أو أصدقائك، فالإعداد والتدريب الجيدين سيجعلك أكثر ثقة، وسيزيل الرهبة لديك من التحدث أمام الجمهور.
وإليك بعض النصائح الهامة للإعداد الجيد:
- ابدأ برغبة قوية عليك أن تختار موضوعاً تشعر حياله برغبة قوية، فكلما زاد اهتمامك بالموضوع الذي ستتحدث عنه، كلما كان من السهل عليك تقديمه وعرضه للحاضرين.
- اعرف تماماً عن ماذا تتحدث عليك أن تكون خبيراً بالموضوع الذي ستدور حوله خطبتك، لذا عليك أن تجمع المعلومات الأساسية والفرعية عن كل ما يخص موضوعك، فلربما تتعرض لأسئلة متنوعة خلال عرضك. من أجل هذا عليك أن تعد نفسك جيداً.
- تعرف على جمهورك يجب تحديد مدى ملائمة موضوع الخطاب وما ينطوي عليه من معلومات للمراحل العمرية والجنسية للمستمعين، كما يجب عدم إغفال المستوى الاجتماعي والمعتقدات والعادات والتقاليد والاتجاه السياسي لهم. وإياك أن تفعل مثل الخطيب الذي خطب خطبة بعنوان “غض البصر” أمام مجموعة من الشباب المكفوفين!
- قسم موضوعك إلى نقاط محددة:
مقدمة: وهى المدخل لموضوعك، وعليك هنا أن تبتكر طريقة شيّقة لجذب المستمع لمتابعة الخطبة، قد تكون قصةً مسليّة أو نكتةً أو سؤالاً محيراً أو إحصائيةً خطيرةً تتعلق بالموضوع، أو حكمة أو بيتاً من الشعر!
نقاط أساسية: وهى الأفكار الأساسية التي تريد إيصالها للمتلقي، لا تتحدث عن أكثر من أربع نقاط حتى لا تشتت انتباه الجمهور، رتّب أفكارك بطريقة منطقية وسلسة.
خاتمة: ركز على الرسالة النهائية التي تريد إرسالها وأكّد على النتيجة التي ترغب في الوصول إليها. إن عليك الاعتناء بالخاتمة لكي تترك انطباعاً جيداً عند الحضور. - دون الأفكار الرئيسية على قصاصات ورقية ذات حجم مناسب (10x5سم)، وهذه هي طريقة العديد من مقدمي البرامج التليفزيونية. ويجب أن تكون البطاقات صغيرة الحجم، بحيث لا تغطي وجهك فتكون حائلاً بينك وبين الجماهير. دوّن على هذه البطاقات الأفكار الرئيسية فقط وبشكل مختصر. ولا تدون عليها كل شئ، فليس الهدف هو أن تقرأ منها، إنها من أجل تذكيرك بالنقاط الأساسية فحسب.
- تدرب! تدرب! تدرب! الممارسة والتدريب المستمر هو سر النجاح. وانطلاقاً من هذا عليك أن تعد نفسك قبل إلقاء الخطاب بوقت كافٍ. تدرب أمام المرآة، ولاحظ ملامح وجهك وحركة يديك وطريقة أدائك، وتدرب أمام أصدقاءك أو أقاربك الذين تثق فيهم، كما وننصحك بتسجيل خطابك للاستماع إليه ومراقبة نبرات وسرعة صوتك. ولا تنسَ أن تراقب الوقت للتأكد من أن طول خطابك يتناسب مع الوقت المتاح لك.
ثانيا: إلقاء الخطاب
إذا كنت قد تدربت جيداً، فستندهش أثناء أدائك من طلاقتك وهدوئك. وإليك بعض النصائح الهامة لضمان خطاب ناجح:
- تعرف على المكان الذي ستلقي فيه الخطاب ينصح دائماً أن تأتى مبكراً للتعرف على المكان، ولتعتاد عليه ولتتأكد من توافر أجهزة العرض (data show) وعملها بكفاءة، لتتجنب المفاجآت التي غالباً ما تحدث في اللحظة الأخيرة. ويفضل أن تتدرب مسبقاً في نفس المكان على إلقاء خطابك إن كان ذلك متاحاً.
- عليك ارتداء ملابس تناسب مكان وزمان الخطاب، وعليك تجنب الملابس الزاهية جداً أو الاكسسورات الزائدة، لأنها تتشتت انتباه الجمهور وتبعدهم عن فحوى خطابك.
- خذ نفساً عميقاً فالكثير منا يشعر بالقلق كلما اقترب وقت تقديم خطابه، لذا ينصح بأخذ نفس عميق وإخراجه ببطء أكثر من مرة قبل أن تواجه جمهورك بعشرين ثانية، إن هذا الأمر سيشعرك بالاسترخاء والانتعاش والشجاعة.
- ابتسم فللابتسامة مفعول السحر في كسر الجليد بينك وبينك المستمعين. وهي ستضفى عليك شعوراً جميلاً يبدد الخوف الذي بداخلك.
- قف مستقيماً وتطلع في عيون من أمامك تصرف بثقة، وحتى تنمي هذا الشعور تصرّف وكأن تملكه! كل ما عليك هو أن تتظاهر بأنك غير خائف من الجمهور، وسيزول عنك ذلك الخوف تدريجياً.
- تحدث بلغة مفهومة ولا تستخدم المصطلحات المعقّدة أو أساليب لغوية صعبة الفهم، ركّز على إيصال أفكارك بأيسر الطرق عبر جمل بسيطة التكوين يفهمها الجميع.
- تحدث بهدوء وبسرعة مناسبة اجعل سرعتك في التحدث متوسطة، فإنك إن تحدثت ببطء قد يصاب المستمعون بالملل، وإذا تحدثت بسرعة، فسيتعذر عليهم متابعة أفكارك. لذا تحدث بهدوء وبسرعة مناسبة، وإذا كنت يتستعمل مايكرفون فعليك أن تتأكد أنه على مسافة مناسبة منك وتجنب إلصاق فمك به.
- شدد على الكلمات والعبارات الهامة وذلك إذا أردت التأكيد عليها يمكنك أن تكررها مرتين.
- غير طبقات صوتك يفضل أن يرتفع صوتك في بداية كل فكرة لينخفض تدريجياً مع نهايتها. ارفع صوتك كلما أردت التأكيد على فكرة معينة أو توضيح موقف واضح. ولكن تجنب الصراخ في كل الأحوال!
- غير معدّل سرعة صوتك إن تغيير معدل سرعة الصوت هو فن لجذب انتباه الجمهور. وقد يكون عليك أن تتحدث ببطء حين ترغب في التركيز عن نقطة محددة،
- توقف قبل وبعد الأفكار المهمة وسيفيد هذا التوقف في شيئين اثنين هما: أن تعطى الحضور مهلة لاستيعاب الأفكار الجديدة، وأن تعطي نفسك راحةً بسيطةً تأخذ فيها نفساً بسيطاً وتبتلع لعابك المتجمع أو ترشف قليلاً من الماء لكي تتخلّص من جفاف فمك.
- تطلع لعيون الحاضرين كثيراً منا يتجنّب النظر إلى الحاضرين وربما يركّز بصره على السقف أو على شخص بعينه، ويتجنب النظر على باقي الحضور، الأمر الذي يفقد الحاضرين الاهتمام. وحتى تحصل على تركيز الحضور، وجّه عينيك باستمرار نحو كل الحاضرين، وحرك رأسك بشكل دائري صغير من اليمين لليسار ومن اليسار لليمين لكي تتجنب تثبيت النظر في نقطة ما. إن هذه التقنيات ستدفع الحضور على المتابعة وعدم الانشغال بأمر آخر.
- راقب الحضور أثناء الإلقاء وتأمل تعابير وجوههم. فإذا لاحظت انعقاداً في الحواجب، فربما هذا دليل على عدم الفهم ويترتب عليك حينها أن تعيد شرح الفكرة من جديد. أما إذا لاحظت من يجلس في الصف الأخير يميل للأمام، فربما عليك أن ترفع صوتك قليلاً حتى يسمعك جيداً. أما إذا لاحظت وجود أحاديث جانبية فسيكون قد حان الوقت لتوجيه سؤال للجمهور لاستعادة انتباههم من جديد. أما إذا رأيت أحدهم ينظر في ساعته فربما عليك أن تنهى حديثك بسرعة.
وأخيراً عليك أن تعلم جيداً أن فن الخطابة مهارة مثل باقي المهارات التي تحتاج للمصابرة والممارسة المستمرة. لذا لا تتردد في التدرب على هذه المهارة كلما سنحت لك الفرصة. كما وننصحك بمتابعة الخطباء المؤثرين لتحدد الخطباء الذين يعجبك أسلوبهم. وابدأ بعد ذلك بمراقبتهم جيداً والتركيز على حركة الأيدي، ونبرة الصوت وتعابير الوجه وحركة الرأس. إذ أن لكل خطيب أسلوبه الساحر المميز، وكل ما هو عليك هو أن تقطف زهرة من كل بستان.