كيف تتعامل مع قشر الشعر
عادة ما تبدو كثير من المشاكل تافهة جدا لمن لا يعاني منها غير أنها ربما كانت صداعا في رأس الذين يقاسون معها ليل نهار، ومن هذه المشاكل قشر الشعر الذي يمثل مشكلة حياتية مؤرقة وخاصة للمصابين بالنوع الغزير منها والذين يشعرون بحرج بالغ عندما يلاحظون نظرات الناس إلى قشر الشعر المتناثر على أكتافهم نظرات غير مريحة.
وكما هي العادة في كل ما يمس حاجة ملحّة لفئة من البشر، صار قشر الشعر مصدر رزق لكثير من المعلنين - بغض النظر عن جدوى ما يعلنون عنه - وشركات الأدوية ومستحضرات التجميل.
وسنتحدث في هذا الموضوع بشكل محايد ومبسط عن قشر الشعر بهدف أساسي هو مساعدتك على حل المشكلة أو التعامل معها والقضاء عليها نهائيا. تعالوا نعرف ما هو قشر الشعر ولماذا يحدث وكيف نتخلص منه.
قشر الشعر.. ما هو؟
لخلايا جسدنا -كما لجميع الكائنات الحية- دورة حياة، تختلف في طولها وقصرها وفي شكلها طبقًا للمكان الذي تنمو به هذه الخلايا، فلو نظرنا لفروة الرأس مثلاً، فإن الخلايا المكونة للطبقة الخارجية من فروة الرأس تتجدد بشكل دائم وهي (كسائر الجلد) من أسرع الخلايا تجددًا، فتموت بعض الخلايا وتنفصل عن فروة الرأس لتنمو الخلايا الجديدة التي بدورها تموت ويتكون غيرها.
في العادة تأخذ هذه الدورة حوالي ثلاثين يومًا، وتتطاير الخلايا الميتة في الهواء دون أن يشعر بها الإنسان، أو ربما يلحظها بشكل عابر أثناء تصفيف الشعر، ولكن في مرضى قشر الشعر يحدث تسارع في نمو هذه الخلايا، بحيث تستغرق حوالي أسبوعًا واحدًا فقط، وهذا يؤدي إلى تراكم الخلايا الميتة وتكدسها وتلاصقها حتى إذا انفصلت عن فروة الرأس لم تتطاير بسهولة كالخلايا الفردية وإنما تسقط على شكل قطع صغيرة رقيقة السمك وبيضاء اللون هي ما يعرف بقشر الشعر.
أسباب تكون قشر الشعر
لم يتفق العلماء على سبب مؤكد لقشر الشعر، ولكن أصابع الاتهام تُوجه إلى نوع من الفطريات يسمى الملاسيزيا (Malassezia) وذلك لأن العلماء لاحظوا أن فطر الملاسيزيا بالذات -رغم أنه يوجد بشكل طبيعي في فروة الرأس- يوجد بغزارة أكبر في فروة الرأس لمرضى قشر الشعر عن الأشخاص الطبيعيين.
والنظرية المقترحة هي أن وجود هذا الفطر يسبب التهابات في فروة الرأس نتيجة إفراز سموم معينة أو قد يكون الالتهاب ناتجا من تعامل جهاز المناعة مع هذا الفطر، وهذا الالتهاب هو ما يسبب الارتباك في دورة حياة الخلايا وقصرها الشديد.
وربما تحمل كلمة "فطر" إيحاءً بالعدوى لدى بعض القراء. ولكن نحب أن نطمئنهم أنه حتى لو ثبت أن تلك النظرية صحيحة فإن هذا الفطر غير معدٍ على الإطلاق (فهو موجود أصلاً في فروة الرأس والنظرية تقول أن المشكلة في زيادته فقط).
بعض الحقائق التي يجب أن تعرفها عن قشر الشعر
- لا يتسبب قشر الشعر في سقوط الشعر (مع الاعتذار لإعلانات التليفزيون).
- تندر الإصابة بالقشرة في الأطفال، وتزداد مع البلوغ لتصل إلى أقصاها في سن العشرين حيث قد يعاني خمسون في المائة من الشباب من الإصابة بقشر الشعر وتكاد تختفي تلقائيا بدون أي علاج بعد سن الخمسين.
- قد يأخذ قشر الشعر شكلاً شديدًا يسمى الإكزيما الدهنية (seborrheic eczema)، حيث يعاني المريض من القشر مع احمرار في فروة الرأس، والحاجبين، وما خلف الأذن، ومنطقة الشارب واللحية، والصدر.
- تكثر الشكوى من القشر في الشتاء وتتحسن الحالة في الصيف.
حالات تشبه قشر الشعر
كثيرًا ما يتشابه قشر الشعر -كما يراه المريض- مع حالات أخرى، فمثلاً مرض الصدفية (psoriasis) -وهو مرض شائع يصيب 2% من البشر- يوجد معه قشر في الشعر، إلا أن وجود احمرار في فروة الرأس مع قشر سميك وإصابة مناطق أخرى من الجلد تفرق بين الصدفية وقشر الشعر.
أيضا قمل الشعر يلصق بيضه (الصئبان) في الشعر. ففي حالات الإصابة الكثيفة بالقمل يبدو هذا البيض شبيهًا بالقشر، إلا أن التصاق البيض الشديد بالشعر يفرقه عن القشر الذي يتطاير بسهولة مع الهواء أو باستخدام الماء الجاري.
لذلك يجب على المريض أن ينتبه إذا كانت هناك أي أعراض أخرى مصاحبة للقشرة ولا تزول باستخدام العلاجات التقليدية لقشر الشعر.
علاج قشر الشعر
كما ذكرنا، فإن أكثر النظريات قبولاً تقول بأن قشر الشعر ينتج من سرعة تكاثر خلايا فروة الرأس نتيجة وجود فطر الملاسيزيا. فمن الطبيعي أن تكون علاجات القشر نوعين:
- النوع الأول: وهو عبارة عن مواد تقلل من سرعة تكاثر الخلايا.. مثل مادتي القطران (مثل الموجود في شامبو بوليتار "Polytar") وسلفايد السيلينيوم "Silinium Sulphide" (الموجود في شامبو سيلسن بلو "Selsun blue").
- النوع الثاني: عبارة عن مواد تكافح فطر المالاسيزيا مثل الكيتوكونازول "ketoconazole" (الموجود في شامبو نيزورال "Nizoral") وبيريثيون الزنك "zinc pyrithione" (الموجود في شامبو هيد آند شولدرز "Head and Shoulders").
كل هذه المواد -كما يُلاحظ- موجودة على شكل شامبوهات، لكن يجب أن يُراعى في استخدامها أن يتم تدليك فروة الرأس ثم تركها من دقيقتين إلى ثلاث دقائق (وليس أقل من ذلك)، ثم تُشطف جيدًا ويتكرر التدليك والغسيل مرتين أسبوعيًا لمدة تتراوح من أسبوعين إلى شهر، ولا داعي للتأكيد أن الاستمرارية عامل مهم جدًا في نجاح العلاج حتى وإن بدت النتائج قبل الموعد المقرر لانتهاء العلاج.
ويلاحظ الآتي
- نسبة نجاح العلاج تتراوح ما بين 71% إلى 88% من المرضى.
- هذه المواد تتسبب في جفاف الشعر، فيجب استعمال كريم مرطب للشعر بعد الغسيل.
- لا يوجد علاج نهائي يمنع ارتجاع القشر (مع الاعتذار لإعلانات التليفزيون مرة أخرى)، ولهذا يُنصح لمن أصيب بقشر الشعر وتعافى منه باستعمال المواد التي تعالج القشر بشكل دوري (مرة كل 15 يومًا) للوقاية من ظهور القشر مرة أخرى.
- في حالة وجود الإكزيما الدهنية قد يضيف الطبيب بعض المستحضرات التي تحتوي على الكورتيزون (cortisone) وهنا نطمئن القارئ وننصحه بالالتزام بوصف الطبيب حتى يتم معالجة المرض جذريًا.
الوصفات المنزلية
كثير من الناس يستعملون المواد الموجودة بالمنزل لعلاج قشر الشعر، فيقال إن إضافة ملعقة صغيرة من عصير الليمون إلى الماء الذي يشطف به الشعر مفيد في علاج القشر، كما أن غلي اللفت الأبيض واستعمال الماء الناتج من الغلي بعد (تبريده طبعاً) في تدليك فروة الرأس يوميًا قد يزيل القشر.
وينصح بعض الناس باستعمال الخل لعمل دهان (سأسأة) لفروة الرأس بينما ينصح آخرون بترك اللبن الرائب خارج الثلاجة لمدة 3 أيام ثم تدليك فروة الرأس به لمدة نصف ساعة.
وللأمانة، نقول أن هذه الوصفات لم تخضع للتجارب العلمية. وهذا معناه أنها قد تفيد أو قد لا تفيد. وقد تفيد حالات معينة وتضر حالات أخرى. ولكن يجب ملاحظة أن مجرد غسل الشعر يوميًا ولو بالماء فقط يقلل من ظهور القشر، وذلك لأنه بهذه الطريقة تتم إزالته ميكانيكيا أولاً بأول.